سورة نوح - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (نوح)


        


{إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (1)}
قد مضى القول في الأعراف أن نوحا عليه السلام أول رسول أرسل. ورواه قتادة عن ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: «أول رسول أرسل نوح وأرسل إلى جميع أهل الأرض». فلذلك لما كفروا أغرق الله أهل الأرض جميعا. وهو نوح بن لامك ابن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس بن يرد بن مهلايل بن أنوش بن قينان بن شيث بن آدم عليه السلام. قال وهب: كلهم مؤمنون. أرسل إلى قومه وهو ابن خمسين سنة.
وقال ابن عباس: ابن أربعين سنة.
وقال عبد الله بن شداد: بعث وهو ابن ثلاثمائة وخمسين سنة. وقد مضى في سورة العنكبوت القول فيه. والحمد لله. {أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ} أي بأن أنذر قومك، فموضع أَنْ نصب بإسقاط الخافض.
وقيل: موضعها جر لقوة خدمتها مع أَنْ. ويجوز أَنْ بمعنى المفسرة فلا يكون لها موضع من الاعراب، لان في الإرسال معنى الامر، فلا حاجة إلى إضمار الباء. وقراءة عبد الله أَنْذِرْ قَوْمَكَ بغير أَنْ بمعنى قلنا له أنذر قومك. وقد تقدم معنى الإنذار في أول البقرة. {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} قال ابن عباس: يعني عذاب النار في الآخرة.
وقال الكلبي: هو ما نزل عليهم من الطوفان.
وقيل: أي أنذرهم العذاب الأليم على الجملة إن لم يؤمنوا. فكان يدعو قومه وينذرهم فلا يرى منهم مجيبا، وكانوا يضربونه حتى يغشى عليه فيقول: «رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون». وقد مضى هذا مستوفى في سورة العنكبوت والحمد لله.


{قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4)}
قوله تعالى: {قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ} أي مخوف. {مُبِينٌ} أي مظهر لكم بلسانكم الذي تعرفونه. {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ} وأَنِ المفسرة على ما تقدم في أَنْ أَنْذِرْ. اعْبُدُوا أي وحدوا. واتقوا: خافوا. {وَأَطِيعُونِ} أي فيما آمركم به، فإني رسول الله إليكم. {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} جزم يَغْفِرْ بجواب الامر. ومِنْ صلة زائدة. ومعنى الكلام يغفر لكم ذنوبكم، قاله السدي.
وقيل: لا يصح كونها زائدة، لان مِنْ لا تزاد في الواجب، وإنما هي هنا للتبعيض، وهو بعض الذنوب، وهو ما لا يتعلق بحقوق المخلوقين.
وقيل: هي لبيان الجنس. وفية بعد، إذ لم يتقدم جنس يليق به.
وقال زيد ابن أسلم: المعنى يخرجكم من ذنوبكم. ابن شجرة: المعنى يغفر لكم من ذنوبكم ما استغفرتموه منها {وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى} قال ابن عباس: أي ينسئ في أعماركم. ومعناه أن الله تعالى كان قضى قبل خلقهم أنهم إن آمنوا بارك في أعمارهم، وإن لم يؤمنوا عوجلوا بالعذاب.
وقال مقاتل: يؤخركم إلى منتهى آجالكم في عافية، فلا يعاقبكم بالقحط وغيره. فالمعنى على هذا يؤخركم من العقوبات والشدائد إلى آجالكم. وقال: الزجاج أي يؤخركم عن العذاب فتموتوا غير موتة المستأصلين بالعذاب. وعلى هذا قيل: أَجَلٍ مُسَمًّى عندكم تعرفونه، لا يميتكم غرقا ولا حرقا ولا قتلا، ذكره الفراء. وعلى القول الأول أَجَلٍ مُسَمًّى عند الله. {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ} أي إذا جاء الموت لا يؤخر بعذاب كان أو بغير عذاب. وأضاف الأجل إليه سبحانه لأنه الذي أثبته. وقد يضاف إلى القوم، كقوله تعالى: {فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ} [النحل: 61] لأنه مضروب لهم. ولَوْ بمعنى {إن} أي إن كنتم تعلمون.
وقال الحسن: معناه لو كنتم تعلمون لعلمتم أن أجل الله إذا جاءكم لم يؤخر.


{قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاَّ فِراراً (6)}
قوله تعالى: {قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهاراً} أي سرا وجهرا.
وقيل: أي واصلت الدعاء. {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً} أي تباعدا من الايمان. وقراءة العامة بفتح الياء من {دعائي} وأسكنها الكوفيون ويعقوب والدوري عن أبي عمرو.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6